تعتبر الثقافة من المفاهيم التي تشغل اهتمام الكثير من الأشخاص في الوقت الحاضر، خصوصاً المهتمين بالعلوم الإنسانية، حيث يعتبرونها مركباً يشتمل علي المعرفة، والعقائد، والفنون، والقيم، والعادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع، كما أنّها تنظيم يشتمل على مظاهر الأفعال، والأفكار، والمشاعر التي يعبر عنها الإنسان عن طريق الرموز أو اللغة التي يتعامل معها، وبذلك تكون الثقافة عبارة عن تاريخ الإنسان المتراكم عبر الأجيال. اختلاف الثقافات يوجد اختلاف كبير بين ثقافة بلد ما وبلد آخر، حيث تعددت الآراء التي تدور حول مفهوم الثقافة، فهنالك من يرى أنّها صفة مكتسبة، أو كيان مستقل عن الأفراد والجماعات، باعتبار تلك المفاهيم جميعاً تدور حول معنى واحد، وهو أنّ الثقافة مركب يتكون من مجموعة مختلفة من ألوان السلوك، وطريقة التفكير، والتكامل، والتوافق في الحياة التي اتفق أفراد مجتمع ما على قبولها، مما جعلهم يتميزون بها عن غيرهم من باقي المجتمعات، كما يدخل في ذلك المهارات والاتجاهات التي يكتسبها أفراد المجتمع، والتي تتناقلها الأجيال من جيل لآخر في صورٍ وأشكالٍ مختلفة عن طريق الاتصال، والتفاعل الاجتماعي، ونقل تلك الخبرات من جيل إلي جيل، كما يمكن تناقلها مثلما هي أو يضيفون عليها وفق تغير الظروف وحاجتهم ولكن جوهرها ومضمونها يبقى كما هو.
أسباب اختلاف الثقافات
العامل الجغرافي تلعب الظروف البيئية دوراً كبيراً في اختلاف الثقافات، مثل المناخ، والأرض، والموارد الطبيعية، حيث إنّ اختلاف البيئة يؤثر بشكلٍ كبير في شكل الأفراد، والسمات الشخصية، فمثلاً يتميز البدو بالقوة، والشجاعة، والتحمل التي ميزتهم عن غيرهم من الثقافات الأخرى، في حين يتميز سكان المناطق الحضرية بالترف، والجبن، والاستكانة، في حين يتميز سكان المناطق البحرية بالانفتاح والمرونة.
النشاط الاقتصادي
يمارس معظم أفراد المجتمع عملهم في مجال النشاط الاقتصادي كالصناعة، والزراعة، والتجارة، والري التي أثرت في ثقافة المجتمع، ونمط حياة جميع الأفراد، وعاداتهم، وتقاليدهم، وقيمهم المجتمعية، وعلاقتهم، لذلك يعمل البدو في مجال مهنة الرعي التي ميزتهم بالفروسية والشجاعة والصبر، أما الأشخاص الذين يعملون في مجال الزراعة فيتميزون بإيمانهم بالقدر والقضاء، أما أفراد المجتمع الصناعي يتميزون بالفردية، وحب الإنجاز، والعملية.
العامل التاريخي
يمثل تاريخ كلّ مجتمع من المجتمعات سلسلة من الأحداث والمواقف التي يمر بها المجتمع لتلعب دوراً كبيراً في التأثير على ثقافة هذا المجتمع وقيمه، وتقاليده، وعاداته، ومبادئه، مما يسبب حدوث اختلاف بين ثقافات هذا المجتمع والمجتمعات الأخرى، حيث إنّ ظهور الإسلام في جزيرة العرب قد جعل المنطقة تتطبع بالطابع الإسلامي، بالإضافة إلى الحروب، والثورات، والصراعات التي حدثت في مجتمع ما فقد أثرت في ثقافة هذا المجتمع وقيمه. العامل الديني يساهم هذا العامل في تكوين القيم الدينية في أية مجتمع مما ينتج عنه حدوث اختلاف في الثقافة من مجتمع لآخر، فعندما ظهر الإسلام في جزيرة العرب أثر ذلك بشكلٍ كبير في قيم سكان المنطقة ومعتقداتهم، ولعبت القيم البروتستنتية دوراً كبيراً في ظهور الرأسمالية في الولايات المتحدة، خصوصاً المبادئ التي تدعو إلى العمل الجاد، وهذا ما جعل المجتمع الأمريكي يتميز عن غيرة من المجتمعات الأخرى.
العامل الديموغرافي
يلعب هذا العامل دوراً كبيراً في اختلاف الثقافات من حيث عدد الوفيات، والمواليد، والهجرات السكانية في أي مجتمع سواء كان زيادة أم نقصاناً، ويتبع له القيم والعادات الثقافية التي تختلف من مجتمع لآخر. العامل التكنولوجي يتمثل بالاختراعات والاكتشافات التي أحدثت اختلاف الثقافات من مجتمع لآخر، لكن بالرغم من الخدمات التي قدمها التطور التكنولوجي للبشرية إلا أنّه توجد العديد من السلبيات التي أثرت في المجتمع بشكلٍ كبير مثل ارتفاع نسبة البطالة، وتلوّث البيئة، واعتماد الإنسان على الآلة من أجل قضاء احتياجاته.