في الأردن، أشار آخر مسح السكان والصحة الأسرية لعام 2012 (وهو آخر مسح وطني في هذا المجال) والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة الى أن (16%) فقط من السيدات الأردنيات كن يعملن خلال وقت المسح ، وأن (93%) من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن (15-49) عاماً لا يمتلكن منزلاً أو أرضاً فيما تمتلك (3%) من السيدات لوحدهن منزلاً أو أرضاً لهن. وأن ثلثي السيدات المتزوجات حالياً (65%) شاركن إما لوحدهن أو بشكل مشترك مع أزواجهن في اتخاذ القرارات المتعلقة بالرعاية الصحية لهن كالمشتريات الرئيسية للأسرة والزيارات لعائلتها والأقارب. والملفت للانتباه بأن (70%) من السيدات يقبلن على الأقل سبباً واحداً كمبرر لضرب الزوجة ، وتميل السيدات بشكل كبير للقبول بضرب الزوجة إذا كانت المرأة على علاقة برجال آخرين (65%).
وأشار نفس المسح وفي إطار العنف الأسري الى أن (34%) من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن (15-49) عاماً تعرضن لعنف جسدي مرة واحدة على الأقل منذ أن كن في العمر (15) عاماً ، و(13%) تعرضن لعنف جسدي خلال الـ (12) شهراً السابقة للمسح. وأن (9%) من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن (15-49) عاماً أفدن بأنهن تعرضن لعنف جنسي لمرة واحدة على الأقل خلال حياتهن. وبشكل عام فإن (32%) من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن (15-49) عاماً أفدن بأنهن تعرضن لعنف عاطفي ، جسدي و/أو عنف جنسي من أزواجهن ، وأن (22%) أفدن بأنهن تعرضن لشكل واحد او اكثر من أشكال العنف في الـ (12) شهراً السابقة للمسح. ومن بين السيدات اللاتي سبق لهن الزواج واللاتي تعرضن للعنف من قبل القرين (جسدي أو جنسي) في الـ (12) شهراً السابقة فإن (30%) أفدن بأنهن تعرضن لإصابات جسدية. وليس من الشائع بين السيدات في الأردن أن يبحثن عن المساعدة من أي مصدر لتجنب العنف الذي تعرضن له. كما أن سيدة من بين كل سيدتين تقريباً (47%) لم يبحثن عن مساعدة ولم يخبرن أي أحد إطلاقاً حول العنف الذي تعرضن له. كما أن (66%) من الأطفال الذين أعمارهم (2-14) عاماً كانوا عرضة لشكل واحد على الأقل من العقاب الجسدي خلال الشهر السابق للمسح.
ماذا نقصد بالعنف القائم على النوع الاجتماعي؟
يثير المفهوم الخاطئ لمعنى الـ “Gender” والذي تتم ترجمته حرفياً على أنه “الجنس” الكثير من التساؤلات والجدالات ، ومع تغير معناها الى “النوع الاجتماعي” أصبح من السهل بمكان التمييز بينها وبين كلمة “الجنس”. فالنوع الاجتماعي يعني الفوارق الاجتماعية المكتسبة بين الذكور والإناث في أي مجتمع والمتجذرة بعمق في جميع الثقافات وتتنوع بشكل واسع داخلها أو فيما بينها ، وقابلة للتغيير ، وتحدد أدوار كل من الذكور والإناث من مسؤوليات وفرص وامتيازات وخيارات وقيود في كل ثقافة من الثقافات.
ويمكن تعريف العنف القائم على النوع الاجتماعي على أنه “: مصطلح شامل لكل فعل مؤذٍ يرتكب ضد إرادة شخص ما ويعتمد على الفوارق المحددة اجتماعيا بين الذكور والإناث (النوع الاجتماعي) ، وتشكل أعمال العنف القائم على النوع الاجتماعي انتهاكا لعدد من حقوق الإنسان العالمية التي تحميها المواثيق والاتفاقيات الدولية ، وتعد الكثير من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي – ولكن ليست كلها – أفعالاً غير قانونية وجنائية في القوانين والسياسات الوطنية”.
كما يعرف العنف ضد المرأة بأنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى بدني أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة أو في الحياة الخاصة”.
عالمياً… واحدة على الأقل من كل ثلاث نساء تعرضت للعنف
وفقاً لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة فإن واحدة على الأقل من كل ثلاث نساء تعرضت للضرب أو الإجبار على ممارسة الجنس أو شكلٍ آخر من إساءة المعاملة خلال حياتها . لذا فتعتبر مشكلة العنف ضد النساء والفتيات مشكلة عالمية ، وتأثيراتها السلبية لا تنحصر بالنساء فقط باعتبارهن ضحايا / ناجيات ، بل تمتد لأسرهن ومجتمعاتهن ودولهن وتحد من التنمية والإنتاجية وتكلف الدول مليارات الدولارات لمعالجة آثارها المختلفة ، حيث تشير الأرقام الصادرة عن وكالات وهيئات الأمم المتحدة الى أن (50%) من الاعتداءات الجنسية بحق الفتيات تحصل لمن هن تحت سن الـ (16) عاماً ، وتعيش (603) ملايين امرأة حول العالم في بلدان لا تعتبر العنف الأسري جريمة ، وأن (70%) من النساء أي (7) نساء من كل (10) يتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي في مرحلة ما من حياتهن .
تقوم بعض أعمال العنف على النوع الاجتماعي بناء على ما للذكور والإناث من أدوار اجتماعية مرسومة وتوقعات وحقوق وامتيازات في أي مجتمع من المجتمعات والتي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان خاصة للنساء ، وعادة ما يرتبط باستخدام القوة التي يتفوق بها شخص على آخر وتشمل التهديد والإكراه وإساءة المعاملة ، وتلحق الأذى بالأفراد خاصة النساء وبالأسر والمجتمعات.
أسباب ودوافع العنف القائم على النوع الاجتماعي
يعتبر التمييز وعدم المساواة بين الجنسين والممارسات المتعلقة بهما والعادات والتقاليد المسيئة للنساء والفتيات والمتجذرة داخل المجتمعات من أهم الأسباب للعنف القائم على النوع الاجتماعي ، إضافة للنظرة الدونية للنساء والسلطة الأبوية التي ترسخ المفهوم الخاطئ لتبعية النساء للرجال وبالتالي تساهم في اتخاذهم للقرارات وتوسيع دائرة السيطرة على النساء.
وتؤكد ورقة موقف صادرة عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة على أنه ومن أجل إحداث فرق وتغيير نحو الأفضل ، فلا بد لإطار العمل من أن يكون إنتقالي تعالج من خلاله المعيقات البنيوية والهيكلية التي تحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين وإعمال حقوق النساء ، وإن الحاجة الى هكذا إطار تستند الى أرضية صلبة من الاتفاقيات الدولية كإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، والإلتزامات الدولية كتلك التي تعهدت بها (79) دولة ضمن برنامج العمل المنبثق عن المؤتمر العالمي للسكان والتنمية ، وإعلان ومنهاج عمل بكين ، ومخرجات مؤتمر الأمم المتحدة لعام (2012) حول التنمية المستدامة (ريو +20) ، والإعلانات والقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والإجتماعي ، والوثيقة الختامية للجنة أوضاع النساء بدورتها الـ (57).
مدى انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي
تؤكد الإحصاءات والأرقام الأممية على الانتشار الواسع للعنف القائم على النوع الاجتماعي ، فعلى سبيل المثال هنالك (60) مليون فتاة تزوج قبل بلوغهن سن (18) عاماً ، وأن ما بين (100-140) مليون فتاة خضعن لعمليات الختان (تشويه الأعضاء التناسلية) بشكل كامل أو جزئي ، وتشكل النساء والفتيات ما نسبته (80%) من بين (800) ألف شخص يتاجر بهم / بهن عبر الحدود الوطنية سنوياً وأن (79%) منهن يتاجر بهن لغايات جنسية ، وتعتبر (100) مليون طفلة في عداد المفقودات نتيجة لعمليات اختيار وتحديد جنس الجنين ، وفي بعض الدول تصل التكلفة السنوية للعنف الممارس من قبل الشريك ما بين (1.6 – 5.8) مليار دولار ، وأن واحدة من كل أربع نساء حوامل تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي خلال فترة الحمل ، وخلال عمليات الإبادة الجماعية في رواندا عام (1994) تعرضت ما بين (250 – 500) ألف امرأة للاغتصاب.