ينطوي الرفاه النفسي على العلاقات الإيجابية مع الآخرين، التمكن الشخصي، الاستقلالية، الشعور بالهدف والمعنى في الحياة، والنمو والتطور الشخصي. يصل المرء إلى حالة الرفاه النفسي إذا وصل لحالة اتزان تتأثر بأحداث الحياة الصعبة والمجزية.
يسعى كل إنسان لتحقيق ذاته كي يصل إلى السعادة والأمان. لكنها مهمة ليست بسهلة، وتحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت. في مسعاه الطويل لتحقيق ذاته، يحتاج كل شخص إلى قوًى نفسية وقدرة على المثابرة تحميه حين يصادف خيبات الأمل وتزوده بالطاقة في لحظة الضعف. هذه القوى تتمثل بالرفاه النفسي. كي يحصل الإنسان على الرفاه النفسي عليه أن يتمتع ب-6 مقومات أساسية في شخصيته :
1- قبول الذات: يتواجد حين نمتلك موقفا ايجابيا تجاه الذات؛ نعترف ونتقبل جوانب متعددة من أنفسنا، بما فيه الصفات الجيدة والسيئة؛ ونشعر أحاسيس إيجابية لا تحوي الذنب والغضب تجاه أنفسنا بما يتعلق بالحياة الماضية. أشخاص غير متقبلين لذاتهم يشعرون غير راضين عن أنفسهم؛ يشعرون بخيبة أمل مع ما حدث في الحياة الماضية؛ هم مضطربين حول صفات شخصية معينة؛ ويرغبون في أن يكونوا مختلفين عن ما هو أو هي. الطريق إلى تقبل الذات هو بأن نكون متسامحين مع أنفسنا، وبأن نؤمن بالرغبة الموجودة داخل كل إنسان بأن يجتهد ويقوم بواجبه تجاه نفسه والآخرين، لكن بالنهاية ليس هنالك إنسان كامل وكلنا معرضون للتعب, لسوء الفهم أو للفشل.
2-علاقات جيدة وإيجابية مع الآخرين: موجودة عند الشخص الذي لديه علاقات دافئة ومُرضية وتتخللها الثقة مع الآخرين؛ الذي يشعر بالقلق إزاء رفاه الآخرين؛ القادر على التعاطف القوي والمودة والحميمة؛ والذي يفهم مبدأ العطاء والأخذ في العلاقات البشرية. بالمقابل، هنالك أشخاص لديهم القليل من العلاقات القريبة لأنهم لا يشعرون بالثقة تجاه الآخرين. هم يجدون صعوبة في أن يكونوا ودودين ومنفتحين، ويشعرون بالقلق إزاء الآخرين؛ هم منعزلون ومحبطون في العلاقات الشخصية وليسوا على استعداد لتقديم تنازلات مهمة للحفاظ على العلاقات مع الآخرين.
3-الاستقلالية: موجودة عند الشخص المستقل الذي يؤمن بحقه بتقرير مصيره وقادر على مقاومة الضغوط الاجتماعية على التفكير والتصرف في طرق محددة؛ هو ينظم سلوكه من داخله؛ ويقيم نفسه وفقا للمعايير الشخصية. بالمقابل، هنالك الشخص الذي يشعر بالقلق إزاء توقعات وتقييمات الآخرين؛ يعتمد على أحكام الآخرين في اتخاذ قرارات مهمة؛ ويرضخ تحت الضغوط الاجتماعية على التفكير والتصرف بطرق محددة.
4-إتقان التعامل مع البيئة: موجود لدى الشخص الذي لديه شعور من الإتقان والكفاءة في إدارة البيئة؛ يتحكم بمجموعة معقدة من الأنشطة الخارجية ؛ لديه استخدام فعال للفرص المحيطة؛ وقادر على اختيار أو إنشاء سياقات مناسبة للاحتياجات والقيم الشخصية. بالمقابل هنالك الشخص الذي لديه صعوبة في إدارة شؤونه اليومية؛ يشعر بأنه غير قادر على تغيير أو تحسين محيطه؛ غير واعٍ للفرص المحيطة به؛ ويفتقر لإحساس السيطرة على العالم الخارجي.
5-هدف في الحياة: يتواجد عند الشخص الذي يشعر بأن لحياته هدف وبأنه يتوجه نحوه. هذا الشخص يشعر بأنه هنالك معنى لحياته في الحاضر والماضي, هو يؤمن بالمعتقدات التي تعطي الحياة معنى؛ ولديه غايات وأهداف للعيش. لكن هنالك أيضاً الشخص الذي يفتقر إلى شعور المعنى في الحياة؛ لديه أهداف قليلة ويفتقر إلى حس الاتجاه؛ لا يرى هدف في حياته الماضية، ولا توجد لديه التوقعات أو المعتقدات التي تعطي الحياة معنى.
6-التطور والتفتح الذاتي : موجود لدى الشخص الذي لديه شعور بالنمو المستمر ويرى نفسه كمن يتطور ويتسع. هو منفتح أمام التجارب الجديدة ويدرك قدراته الذاتيه. هذا الشخص يرى تحسنا في نفسه وسلوكه على مر الزمن؛ ويتغير بطرق تعكس أكثر معرفته لذاته ولفعاليته. بالمقابل هنالك من لديه شعور بالركود؛ فهو يفتقر إلى شعور التحسن أو التوسع على مر الزمن ؛ ويشعر بالملل وبأنه غير مهتم بالحياة. هذا الشخص يشعر بأنه غير قادر على تطوير مواقف أو سلوكيات جديدة.
كيف نحقق الرفاهية؟
كما أن توافر الشعور لدى المواطنين بالقدرة على تغيير مستوياتهم الاقتصادية يزيد من معدلات الرضاء عن الحياة والسعادة والشعور بجدوى حياتهم، ومن ثمّ ترتفع معدلات الرفاهية، فضلًا عن أن التغيرات الديموغرافية تساهم في رفع مستويات الرفاهية، فحتى لو ظلت المستويات الاقتصادية ثابتة، فالتغيرات في تركيبة السكان اجتماعيًّا .